Saturday, August 7, 2010

Låt den rätte komma in (2008)

هو  فيلم سويدي من انتاج عام ٢٠٠٨، يدور باختصار حول الفتى (أوسكار - ١٢ عاماً) الذي يحيى مع أمه في بلدة سويدية، حين يسكن جيران جدد الشقة المجاورة له، فتاة في مثل عمره مع من يبدو أنه والدها. والفيلم مبني على رواية بنفس العنوان للكاتب السويدي جون آفيد لينكيست.
تتطور الأحداث ليعرف أوسكار أن الفتاة  مصاصة دماء، وطبعاً، قد كان لها زمان طويل وهي في الـ١٢ عام. ومن يرافقها ليس والدها بل (حارسها)، وهو  -بحسب الرواية، فهذه النقطة لم تتضح في الفيلم- شخص يرافق مصاص الدماء كي يهيّء له الحياة الآمنة في النهار. وربما يساعده علي التأقلم أو التفاعل مع المجتمع البشري دون اثارة للشكوك.


الفيلم يبدأ بكلمة، اصرخ. اصرخ مثل خنزير.
أوسكار الفتى في بداية الفيلم يمثّل مشهداً عنيفاً، يعبث بسكينه (ونحن نراه من خلف زجاج حجرته)، ويتظاهر أنه يهاجم شخصاً ما، ويجبره : اصرخ، اصرخ مثل خنزير. في هذه اللحظة بالذات تتوقف أسفل نافذته السيارة التي تقل (إيلي)، مصاصة الدماء الصغيرة. وحارسها.

الفيلم بأجواءه الكالحة، السوداوية، والجو المقبض للبلاد السويدية، المثلجة، يحمل روح غامضة، وقد سمحت لنفسي بربط هذه الروح، النكهة الغامضة التي يحملها الفيلم بالرسام النرويجي (اسكندنافي أيضاً)، إدفارد مونك.

ربما المميز بشأن هذا الفيلم أنه اسكندنافي، في الفيلم أجد احالات كثيرة للوحات مونك، منها أول كلمة في السيناريو، والتي تذكرني مباشرة بلوحة الصرخة.

أو العلاقة بين أوسكار وإيلي، والتي تذكرني كذلك بتصور مونك لـ(آلام الحب)، على حد تعبيره، في لوحة مصاصة الدماء.

والفيلم ليس خيالياً بالكامل، خلاف أفلام أخرى عالجت نفس الموضوع (توايلايت)، لا يمكنني إلا أن أعلق على (الفوضى) أو الجلافة الفنية التي عولج بها هذا الفيلم (أو الرواية)، وهي ذاتها الجلافة الفنية والمعنوية التي سوف يُعالج بها الفيلم السويدي حين اعادة انتاجه هوليودياً :  (دعني أدخل).

تميل السينما الأمريكية دائماً إلى (انضاج) المراهقين أو (من هم على عتبة البلوغ). وتسخيفهم. المعالجات الفنية الأمريكية تتناول هذه الفترة بجلافة، ولا أنسى الجلافة التي عالج بها فيلم العظام الجميلة حياة (طفلة) المفترض أنها في هذا السن. ربما يكون السبب المجتمع الأمريكي ذاته المختلف عن المجتمع الأوروبي.

لكني أعود وأقول، إن أشهر المعالجات الفنية على الاطلاق لهذه الفترة العمرية كانت أمريكية، أعني، سلسلة (قشعريرة) والتي تم تعريبها تحت عنوان (صرخة الرعب).

إن سبب اختيار مؤلف السلسلة للمرحلة العمرية (١١ سنة - ١٢ سنة - ١٣سنة) ليضع بها أبطاله ليس فقط أنها موجهة لقراء من نفس السن، بل لمناسبتها أصلاًِ لمعايشة كافة التجارب (القاسية - المرعبة)، فمن في هذه المرحلة ليس طفلاً وليس بالغاً كذلك. هي فترة يتخللها الكثير من القلق، الاضطراب، التشوش، الخ. كما أن روايات السلسلة غالباً تدور حول التجربة المرعبة التي يمر بها الطفل ويبقى بها للأبد: البقاء للأبد في منزل مسكون - البقاء للأبد في قلعة دراكيولا فوق جبل فوق هوة - البقاء للأبد في عالم بالأبيض والأسود -الخ .
 الشيء الآخر هو مصطلح (ساعة الذئب)، وقرّاء سلسلة (ما وراء الطبيعة) المصرية، يألفونه، يستخدمه مؤلف السلسلة غالباً لوصف المرحلة العمرية التي تكون فيها الفتيات معرضات للمسّ الشيطاني. المصطلح أصلاً من الفلكلور السويدي، بالأصل يصف مرحلة (السَحَر)، المرحلة في آخر الليل وقبل الفجر بقليل، في السويد يبدو أن الذئاب تتجول بحرية في هذه الساعة خارج أبواب الناس، وتهاجمهم.

المصطلح ذاته اُستخدم في فيلم رعب بنفس الاسم (ساعة الذئب) للمخرج السويدي انغمار بيرغمان، وتوصف الحالة في السطر الترويجي الآتي:

"The Hour of the Wolf is the hour between night and dawn. It is the hour when most people die, when sleep is deepest, when nightmares are most real. It is the hour when the sleepless are haunted by their deepest fear, when ghosts and demons are most powerful. The Hour of the Wolf is also the hour when most children are born."

قد يُعامل المصطلح، والذي لاحظنا أنه ذاته عميق الأثر في الذهن الفلكلوري السويدي، كـ(ميتافور) للمرحلة العمرية لما قبل البلوغ، إن هذا يدفعني للاشارة لحساسية وذكاء المعالجة سواء الروائية أو السينمائية لقصة أوسكار، في حين تختار سيتفاني مايار لأبطالها (مراهقون جشعون للعواطف)، كي تُعاش قصة حب سخيفة بملامح رومانتيكية كلاسية، إن قصة فيلمنا (دع الشخص المناسب يدخل) ليست قصة رعب، خيال، أو خلافه، بل هي قصة عن (رعب) الحياة وما تثيره في الأنفس من اضطرابات.
أوسكار فتى منطوٍ ووحيد، يتعرض للمضايقات من قبل زملائه (البلطجية) في مدرسته، في هذه المرحلة العمرية حين -غالباً- تتكون لدى الإنسان أغلب عقده النفسية، أو يعيش أغلب التجارب القاسية المميزة للتنوير المفاجيء على الحياة أو، ربما، (الاظلام) المفاجيء، حين يخرج المرء من جنة طفولته ويُجابه بالـ: الفهم. فالمرء حينها يفهم الحياة قليلاً ولا يفهمها في الوقت ذاته، إن فلاديمير نابوكوف في روايته (لوليتا) يستخدم مصطلحاً (وإن كان يستخدمه في الرواية لأغراض منحرفة)، لوصف (مخلوقات) هذه السن، كـ(حوريات) أو (عفاريت). يحاول بطل فلاديمير نابوكوف في الرواية أن يدلل علي الطبيعة (العفاريتية - الما-ورائية) لهذه السن، وإن كان بشكل غير مباشر أو بشكل مختلف عن المفهوم الذي سوف أستدرجه في موضوعي هنا. وبشكل آخر، إن المصطلحات التي يستخدمها نابوكوف تُجسد  (الاغتراب) العام عن الانسانية الذي يعيشه طفل هذه السن. فهو (مخلوق)، وليس طفلاً وليس بالغاً كما أسلفنا.

وإن كانت قصة أوسكار وإيلي لا تجسد قصة حب فعلاً أو كما هو الأمر في فيلم (توايلايت)، لهذا قد أُلحق بـ(ايلي) معان أخرى، لو عدت للوحات مونك كمرجع فني، فإن إيلي هي الجنون، أو الاضطراب، أو بمصطلحات أكثر مهنية : المرض النفسي، عودة لرواية لوليتا، البطل همبرت همبرت يعيش (مرضاً نفسياً) طويل الأمد بسبب لقاءه في سن ما قبل البلوغ بفتاة في مثل عمره، ثم موتها بعد ذلك بقليل. إن أوسكار الولد الضعيف، المعرض للايذاء الجسدي والنفسي على الدوام، قبيل نهاية الفيلم  كان على وشك أن يُقتل , لكن إيلي مصاصة الدماء تنقذه ممن كان سيؤذيه. صحيح أن قبل هذه الحادثة كانت إيلي ستغادر نهائياً، وقد ودّعت أوسكار وتركته لـ(يعاني من قلب محطم- على حد التعبير الانجليزي)، لكنها تعود إليه لانقاذه، هذا الحادث يجعل أوسكار يحل محل حارسها النهاري الذي (مات كذلك في موضع آخر من الفيلم - دفاعاً عنها)، الفيلم يُختتم بمشهد، أوسكار يجلس في عربة قطار، بينما يستقر تحته الصندوق الكبير الذي يحوى (إيلي) النائمة في النهار. قصة الفيلم هي عن (البلوغ- النضوج - مغادرة الطفولة)، لكن بأقسى الطرق على الاطلاق، إن أوسكار سوف يظل كل حياته الباقية مرتبطاً بإيلي، وربما يموت بسببها مثل حارسها السابق، إنها إيلي، المخلوق الذي التقاه في فترة اضطراب البلوغ، (العفريتة)، أو، مرضه النفسي الخاص، الذي نشأ من المواقف القاسية والاغتراب الذي عاشه، التي ظهرت له في تلك الأوقات حين كان يجلس وحيداً في الليل في العراء. والتي كذلك سوف ترافقه لبقية حياته. لكنها في الوقت ذاته مرتبطة بتغلّب أوسكار على مصاعب البلوغ أو على العنف والازدراء الذي كان يعانيه، وكذلك إيلي هي الكيفية التي يتغلب بها أوسكار على وحدته واغترابه الذي رافق سنين بلوغه، وإن كانت هي الخدش/الجرح الذي سيظل يصمه طوال حياته. أو كما يقول نيتشه : ما لا يقتلك، يجعلك أقوى. 


No comments: