يحلو للعرب تكذيب "المحرقة النازية لليهود"، في كل مناسبة، بنيّة حسنة هي مهاجمة الجانب الصهيوني في ادعاءاته أو فيما يُمنح له عالمياً من تأييد وتهاونات. لكن المؤسف حين نلاحظ أن الميل لتكذيب المحرقة في الثقافة العربية مردّها "استهتار" عام متغلغل في هذه الثقافة أو نوع من "الخيبة الأخلاقية" أمام أي نوع من الالتزام -الجماعي، الاجتماعي، الشعبي- أمام جرائم نظام من النظم. ربما هذا ما يُضعف الجانب العربي -أخلاقيا، لأنه في موقع الضحية- في مواجهة الجانب الصهيوني المجرم على الدوام. نعاود الاقتباس لادوارد سعيد، في مقالة له : "الحرب الأهلية اللبنانية التي أودت بـ١٥٠ ألف ضحية، وكانت لها آثار اجتماعية وبيئية ونفسية تفوق الحصر، وها هو لبنان يعود اليوم {تاريخ المقالة ١٩٩٥} وكأن شيئا لم يكن، مع الأشخاص أنفسهم في السلطة، أو ما يتاح لهم منها."
سواء اتّفق البعض أم لم يتفق مع رحيل رأس النظام المصري الحالي، بتصعيد الثورة ضده، سواء كان سبب الرحيل الشأن الداخلي {فساد- فقر - قمع للحريات - وغيره كثير}، يجب أن تتمسك كل القوى الشعبية بالأسباب "الانسانية،العالمية في طبعها"، أي جرائم النظام، ولا نعني بجرائمه الـ ما يزيد عن ٤٠٠ شهيد على مدى ١٥ يوم من الثورة الشعبية فحسب، الدائرة سوف تتسع لتشمل كل الشهداء، بمن فيهم ضحايا أعمال القمع والتعذيب لأنظمة رجال سابقين على الرجل الحالي. فالنظام يجب أن يرحل ليس لفساده وفشله فقط بل لأنه ملطخ بالدماء، وأي محاولات من جانبه للترقيع لن تمسح الدماء. ويجب أن يُعامل النظام بكل أفراده كمجرم ضد الإنسانية.
هذه الحركة الثورية تكتسب نجاحها الشعبي وناصيتها الأخلاقية، ربما، لأن أول مكان اشتعلت به كان صفحة فيسبوك للشهيد خالد سعيد، هذا يعني نشوء تحوّر أخلاقي في الثقافة المحلية، المصرية أو العربية، واتجاه هذه لادانة الجرائم "ضد الانسانية".
أن يفهم الشارع العربي أخيرا معنى الـ"جرائم ضد الإنسانية" يعني الطريق نحو ثقافة مدنية تُعلي شأن الإنسان، فهذه مهدّت للنهضة الأوروبية وعصر التنوير، الظريف أنها في الحالة الأوروبية كانت اعلاء الإنسان الأوروبي في مواجهة غير الأوروبي، والإنسان الأوروبي نتيجة لهذه الثقافة تلطخت يده بدماء وبجرائم ضد الإنسانية، نحن نريد أن تنشأ ثقافة عربية انسانية تملك "تفوقا أخلاقيا" في مواجهة الجميع بلا استثناء، بعكس الحالة الأوروبية، ما يؤكد هذا البنية والشكل الذي اتخذته التظاهرات، أي الطابع السلمي على طول الخط الذي لم يدهش الشارع العربي فحسب بل العالم.
يبدو أن التسرع للتساوم وتناسي دماء الشهداء "متلازمة عربية"، في هذا احالة لانتقادات سعيد للقيادات الفلسطينية في معاهدات أوسلو وغير أوسلو، يجب أن تسير الثقافة العربية نحو "أرشفة" جرائم الأنظمة كافة، سواء كانت استعمارية أم وطنية، ليس في هذا بناء راسخ للتاريخ العربي فحسب، ولا حفظا للحقوق، بل كذلك تمهيد الطريق لاعلاء الإنسان العربي، الذي يظن المستعمرون من الغرب (أو من حكوماته الوطنية المستبدة) أن ليس له وجود، وأن الانسان موجود فحسب هناك، في الجانب الآخر من المعمورة، المنطقة العربية، وما حولها، من افريقيا ومناطق من آسيا، ربما أكثر منطقة في العالم دفعت غاليا واُستبد بها استعماريا وسالت دماء أبنائها، ربما يعادلها في هذا فقط البشاعات المقترفة في حق سكان أمريكا الأصليين من الهنود. والأخلاق الغربية مجرد لعبة سخيفة، في يد القوي - كالعادة، ويذكرنا هذا بتصريح كورتيز لوماي: "لو لم ينتصر الحلفاء لحُوكمت بتهم جرائم حرب."
لعل تلك هي متلازمة الاستعمار السيكولوجية كما يقترحها فرانتز فانون في كتابه " المعذبون في الأرض". فلا تزال الأيدي الاستعمارية تعبث كما تشاء، خاصة، في هذا النظام ذاته المُهدد الآن بثورة من الشعب، أصدق تسمية لها هي "انسانية مائة في المائة"، النظام الذي صار يرأسه الآن قيادات يدها ملطخة بالتعذيب والقمع وانتهاك الانسان. الإنسان العربي الذي لم يك أحدا يراه، ويُمارس ضده ما قد تمارسه قوى استعمارية متعالية، قد نهض، فالاستعمار والاستغلال والفساد والاستبداد والعنف - وكلها مشتقات استعمارية متأصلة في الثقافة الغربية، تجاه ما ليس غربياً، التي جعلتنا نصدّق أن الأخلاق القبلية للعرب، والشرق، هي أساس العنف، وأن العرب وثقافاتهم ودياناتهم تروج للعنف، في حين أن أكثر ضحايا العنف من المناطق الشرقية من العالم، وأكثر مجرميه من غربه، ومع هذا يتبجح أمثال هنتنغتون بخرافات نيو-ليبرالية.
لا تضع هذه الثورة حداً للاستبداد السياسي وأسسا للديمقراطية العربية فحسب، بل كذلك حداً للاستعمار الذي لم يزل مستمرا للآن. ومكاسبها الأخلاقية والثقافية سوف تفوق مكاسبها السياسية، ولا حجّة أو عذر لكل من يعارض تصعيداتها بدعوى - اعطاء فرصة للنظام الحالي- النظام الحالي، المجرم، ذو الأدوات الاستعمارية؟ أي فرصة تُعطى له إن لم تك فرصة للمزيد من القتل.
سواء اتّفق البعض أم لم يتفق مع رحيل رأس النظام المصري الحالي، بتصعيد الثورة ضده، سواء كان سبب الرحيل الشأن الداخلي {فساد- فقر - قمع للحريات - وغيره كثير}، يجب أن تتمسك كل القوى الشعبية بالأسباب "الانسانية،العالمية في طبعها"، أي جرائم النظام، ولا نعني بجرائمه الـ ما يزيد عن ٤٠٠ شهيد على مدى ١٥ يوم من الثورة الشعبية فحسب، الدائرة سوف تتسع لتشمل كل الشهداء، بمن فيهم ضحايا أعمال القمع والتعذيب لأنظمة رجال سابقين على الرجل الحالي. فالنظام يجب أن يرحل ليس لفساده وفشله فقط بل لأنه ملطخ بالدماء، وأي محاولات من جانبه للترقيع لن تمسح الدماء. ويجب أن يُعامل النظام بكل أفراده كمجرم ضد الإنسانية.
هذه الحركة الثورية تكتسب نجاحها الشعبي وناصيتها الأخلاقية، ربما، لأن أول مكان اشتعلت به كان صفحة فيسبوك للشهيد خالد سعيد، هذا يعني نشوء تحوّر أخلاقي في الثقافة المحلية، المصرية أو العربية، واتجاه هذه لادانة الجرائم "ضد الانسانية".
أن يفهم الشارع العربي أخيرا معنى الـ"جرائم ضد الإنسانية" يعني الطريق نحو ثقافة مدنية تُعلي شأن الإنسان، فهذه مهدّت للنهضة الأوروبية وعصر التنوير، الظريف أنها في الحالة الأوروبية كانت اعلاء الإنسان الأوروبي في مواجهة غير الأوروبي، والإنسان الأوروبي نتيجة لهذه الثقافة تلطخت يده بدماء وبجرائم ضد الإنسانية، نحن نريد أن تنشأ ثقافة عربية انسانية تملك "تفوقا أخلاقيا" في مواجهة الجميع بلا استثناء، بعكس الحالة الأوروبية، ما يؤكد هذا البنية والشكل الذي اتخذته التظاهرات، أي الطابع السلمي على طول الخط الذي لم يدهش الشارع العربي فحسب بل العالم.
يبدو أن التسرع للتساوم وتناسي دماء الشهداء "متلازمة عربية"، في هذا احالة لانتقادات سعيد للقيادات الفلسطينية في معاهدات أوسلو وغير أوسلو، يجب أن تسير الثقافة العربية نحو "أرشفة" جرائم الأنظمة كافة، سواء كانت استعمارية أم وطنية، ليس في هذا بناء راسخ للتاريخ العربي فحسب، ولا حفظا للحقوق، بل كذلك تمهيد الطريق لاعلاء الإنسان العربي، الذي يظن المستعمرون من الغرب (أو من حكوماته الوطنية المستبدة) أن ليس له وجود، وأن الانسان موجود فحسب هناك، في الجانب الآخر من المعمورة، المنطقة العربية، وما حولها، من افريقيا ومناطق من آسيا، ربما أكثر منطقة في العالم دفعت غاليا واُستبد بها استعماريا وسالت دماء أبنائها، ربما يعادلها في هذا فقط البشاعات المقترفة في حق سكان أمريكا الأصليين من الهنود. والأخلاق الغربية مجرد لعبة سخيفة، في يد القوي - كالعادة، ويذكرنا هذا بتصريح كورتيز لوماي: "لو لم ينتصر الحلفاء لحُوكمت بتهم جرائم حرب."
لعل تلك هي متلازمة الاستعمار السيكولوجية كما يقترحها فرانتز فانون في كتابه " المعذبون في الأرض". فلا تزال الأيدي الاستعمارية تعبث كما تشاء، خاصة، في هذا النظام ذاته المُهدد الآن بثورة من الشعب، أصدق تسمية لها هي "انسانية مائة في المائة"، النظام الذي صار يرأسه الآن قيادات يدها ملطخة بالتعذيب والقمع وانتهاك الانسان. الإنسان العربي الذي لم يك أحدا يراه، ويُمارس ضده ما قد تمارسه قوى استعمارية متعالية، قد نهض، فالاستعمار والاستغلال والفساد والاستبداد والعنف - وكلها مشتقات استعمارية متأصلة في الثقافة الغربية، تجاه ما ليس غربياً، التي جعلتنا نصدّق أن الأخلاق القبلية للعرب، والشرق، هي أساس العنف، وأن العرب وثقافاتهم ودياناتهم تروج للعنف، في حين أن أكثر ضحايا العنف من المناطق الشرقية من العالم، وأكثر مجرميه من غربه، ومع هذا يتبجح أمثال هنتنغتون بخرافات نيو-ليبرالية.
لا تضع هذه الثورة حداً للاستبداد السياسي وأسسا للديمقراطية العربية فحسب، بل كذلك حداً للاستعمار الذي لم يزل مستمرا للآن. ومكاسبها الأخلاقية والثقافية سوف تفوق مكاسبها السياسية، ولا حجّة أو عذر لكل من يعارض تصعيداتها بدعوى - اعطاء فرصة للنظام الحالي- النظام الحالي، المجرم، ذو الأدوات الاستعمارية؟ أي فرصة تُعطى له إن لم تك فرصة للمزيد من القتل.