يمكن تفسير العجائب الموجودة في مشروع مواد الدستور المصري القادم بالتأمل في شعار حزب النور -السلفي- "هوية ودولة عصرية"، وفي تقديم "هوية" على دولة، طبعاً، ما يجري هو عملية تحويل الدولة إلى هوية، كتلك المواد التي تشترط حماية "الرموز الوطنية" و"ثقافة المجتمع" واللغة والآداب العامة والمقدسات، إلخ. لا حاجة لقول أن هذا الدستور، هذا النص سوف يتحول إلى مُجرد كلمات خُزعبلاتية على المدى الطويل، بل أنه كذلك حالياً، هو عبارة عن وثيقة ميتافيزيقية لا تمسّ الأرض، بل تلغي وجود الإنسان تماماً، بالطبع، كنا نقول أن مصر في العهد البائد كانت نكتة فلكلورية، حين كانت كياناً مُتخيّلاً من الفلكلور الميثولوجي الفرعوني، كي تقوم بوظيفتها كاملة كمقلب زبالة سياحي، كون بلداً ما نكتة فلكلورية بالطبع يلغي آدمية شعبه جزئياً: الشعب فعلاً هو تابلو سياحي جميل يحجب الرؤية عمّا وراءه من جموع كادحة.
والذي يحدث الآن هو الغاء كامل للإنسان. ويساعد على ذلك جو سياسات الهوية المستعر حول العالم، سياسات الهوية حول العالم ترسّخ لاحساس التهديد من خطر خارجي يستهدف الهوية المحلية، رغم أنه خطر وهمي، فاستهداف هوية شعب، أو طائفة، أو عرق، باستهداف رموزه ومقدساته ليس أخطر -بأي حال من الأحوال- من استهداف أفراد هذا الشعب أو الطائفة أو العرق، الأفراد من لحم ودم. لكن، بالطبع، تفخيم الهوية وتسليح الهوية يفيد السلطة، الهوية مُكوّن سلطوي، صنم غير مبال بالإنسان ولا معاناته، وما يجري في مواد الدستور هو تحطيم مفهوم الدولة الحديثة، الدولة التي تقدّم خدمات عامة للشعب من تعليم و صحة وطاقة و دعم اجتماعي أو عدالة اجتماعية، وحين تتحطم الدولة وتتحوّل إلى هوية لا تتلاشى حقا الغاية وراء وجودها، أي الحماية، بل تبقى، وتصير الهوية وحظيرة الهوية -هوية الصنم، البطريارك- هي الحامي والمأمن والراعي من الذئاب التي تتربص بالقطيع- إنها فكرة خزعبلاتية بالكامل حين يؤمن الغالبية أن من يحميهم هو مطابقة هويّتهم للنموذج المقترح في الدستور، وخروجهم عن النموذج سوف يعرّضهم للخطر.
حين يُستبدل كيان الدولة الخدماتية بالهوية لا تعود السلطة -ممثلة في الحكومة الحالية- مُطالبة بالتزامات تجاه الشعب، لا تعود مُطالبة بخدمات تعليم أو صحة أو تغذية أو عدالة، ولا تعود مُطالبة بميزانيات مُكلّفة -وعموماً، فإن سياسات الهوية مُفيدة للبِزنِس، ومفيدة لسوق السلاح. ويصير مقياس نجاح السلطة/الحكومة ميتافيزيقياً: هل تحمي "الهوية" أم لا؟
والذي يحدث الآن هو الغاء كامل للإنسان. ويساعد على ذلك جو سياسات الهوية المستعر حول العالم، سياسات الهوية حول العالم ترسّخ لاحساس التهديد من خطر خارجي يستهدف الهوية المحلية، رغم أنه خطر وهمي، فاستهداف هوية شعب، أو طائفة، أو عرق، باستهداف رموزه ومقدساته ليس أخطر -بأي حال من الأحوال- من استهداف أفراد هذا الشعب أو الطائفة أو العرق، الأفراد من لحم ودم. لكن، بالطبع، تفخيم الهوية وتسليح الهوية يفيد السلطة، الهوية مُكوّن سلطوي، صنم غير مبال بالإنسان ولا معاناته، وما يجري في مواد الدستور هو تحطيم مفهوم الدولة الحديثة، الدولة التي تقدّم خدمات عامة للشعب من تعليم و صحة وطاقة و دعم اجتماعي أو عدالة اجتماعية، وحين تتحطم الدولة وتتحوّل إلى هوية لا تتلاشى حقا الغاية وراء وجودها، أي الحماية، بل تبقى، وتصير الهوية وحظيرة الهوية -هوية الصنم، البطريارك- هي الحامي والمأمن والراعي من الذئاب التي تتربص بالقطيع- إنها فكرة خزعبلاتية بالكامل حين يؤمن الغالبية أن من يحميهم هو مطابقة هويّتهم للنموذج المقترح في الدستور، وخروجهم عن النموذج سوف يعرّضهم للخطر.
حين يُستبدل كيان الدولة الخدماتية بالهوية لا تعود السلطة -ممثلة في الحكومة الحالية- مُطالبة بالتزامات تجاه الشعب، لا تعود مُطالبة بخدمات تعليم أو صحة أو تغذية أو عدالة، ولا تعود مُطالبة بميزانيات مُكلّفة -وعموماً، فإن سياسات الهوية مُفيدة للبِزنِس، ومفيدة لسوق السلاح. ويصير مقياس نجاح السلطة/الحكومة ميتافيزيقياً: هل تحمي "الهوية" أم لا؟
No comments:
Post a Comment